ركام | معرض

من معرض «ركام»

 

يكتب الفنّان التشكيليّ الفلسطينيّ ميسرة بارود، في تقديمه لمعرضه «ركام» (2021): "في مدن الحرب الحياة غير الحياة، وإن بَدَت متشابهة، مدن منكوبة هدَمَتْ بهجتها الحروب والنزاعات، مدن تُصْبِحُ فيها مهجّرًا في لحظة، ولاجئًا أو نازحًا في الشوارع. مدن غارقة في الموت، الغبار، الأشلاء والدم، وتبقى ندوب الحرب حاضرة على واجهات المباني".

يتابع بارود عائدًا إلى لحظة ولادة المعرض عام 2014:"في السادس عشر من أغسطس عام 2014 انتهت الحرب على قطاع غزّة. لم تكن ابنتي ريتا الّتي عاشت ثلاث حروب متتالية قد أكملت عامها الثاني عشر عندما ذهبت بصحبتها أفتّش عن بقايا مدينتنا. لم تكن المشاهد الّتي رصدناها سوى جحيم ممتدّ بلا نهاية. لقد غيّبت الحرب معالم المكان، وأسقطت منّي كلّ الكلمات الّتي كان «ممكنًا» أن تفسّر لطفلة أسئلتها غير المجابة. أخذتني المشاهد المؤلمة دون تفكير لأعيد هندسة المدينة المحترقة على سطح أبيض غارق في السواد، مبتعدًا عن التفاصيل المنمّقة، متحرّرًا من جميع القيود الّتي كنت ألتزم بها في أعمالي الفنّيّة السابقة، في محاولة بائسة لاستعاد المشهد، واستعادة ما كان يومًا حضرًا قبل أن يصبح مجرّد ركام".

ويقول بارود:" لقد تجرّدت المدينة من كلّ تفاصيلها على الورق، وتشابكت على الخطوط، وفي كلّ محاولة لصياغة جديدة كنت أقترب من اللا شيء. أربعة مليون طنّ من الركام كانت كافية لتلهمني أن أضع خطّي الأوّل على الورق. الورق والحبر الأسود هما المشترك في معظم أعمالي، أمّا المختلف في هذه التجربة تحديدًا، هو الأفق الأوسع للتجريب والخروج من المألوف والمعتاد على لغتي البصريّة الّتي اعتادها المتلقّي. لقد أخذتني تلك التجربة لأكتشف عالمًا أكثر بساطة".

وعن بداية العمل في المعرض يقول:"انهمكت في رسم هذه المجموعة نهاية عام 2014، ثمّ توقّفت مؤقّتًا إلى أن عاد المشهد من جديد متكرّرًا في الحرب الأخيرة عام 2021، عدت إلى استكمال المجموعة بعد انتهاء الحرب الّتي كادت أن تطال الأعمال لتصبح جزءًا من الركام".

ويختتم بارود وصفه لمحتوى المعرض قائلًا:"أعبّر من خلال هذه الأعمال عن الحكاية، بعيدًا عن السرد المشتقّ من الدعاية الرسميّة. قصّة الحرب الّتي تنتج قدرة عائلة على الإيذاءة، منتصرة على المسافة والجغرافيا، بل وسرعة الصوت لتأخذ القتل إلى أناس أكثر في وقت أقلّ. ركام... لست أدري ما مقدار القسوة الّتي تحملها هذه الكلمة حين اختصرت حياة وذكريات كانت يومًا ما حاضرة في المكان. ولست أدري إن كان بمقدورنا أن نعيد للمكان ذاكرته الّتي اختبأت في أركانه طفولة، وفاحت في أزقّته رائحة الليمون، وشبّ فيه رفاق الصبا الّذين غابوا تحت الركام".

تنشر فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة معرضًا رقميًّا لمعرض «ركام».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

ميسرة بارود

 

 

 

فنّان تشكيليّ وُلِدَ في غزّة عام 1976، يُحاضر في «الكلّيّة الجامعيّة للعلوم والتكنولوجيا»، و«كلّيّة الفنون» في «جامعة الأقصى». له خمسة معارض شخصيّة هي: «ريتا والبندقيّة» (2004)، «فسفور أبيض في ميلاد إيلياء» (2009)، «وميض» (2009)، «قوارب الملح» (2019)، «وجود» (2021).